Sunday, May 31, 2009

الصلاة في الطائرة

حكم الصلاة في الطائرة

حكمه الصحة كما تصح الصلاة في الباخرة والسفينة، لأن الطائرة في الفضاء كالسفينة في الماء، وعليه أن يصلي حسب الاستطاعة فإن استطاع أن يصلي قائماً صلى قائماً، فإن لم يستطع صلى قاعداً لقول الله سبحانه و تعالى: ( فاتقواْ الله ما استطعتم ) [سورة التغابن: الآية 16] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"، ولما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: كانت بي بواسير فسألت النبي (ص) عن الصلاة، فقال: "صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب". زاد الإمام النسائي رحمه الله في روايته: "فإن لم تستطع فمستلقياً".1]

كيفية الصلاة في الطائرة

أما كيفية الصلاة فيها فهي كالصلاة في الباخرة إن استطاع أن يصلي قائمًا صلى قائمًا فإن لم يستطيع صلى قاعدًا ويكون مستقبل القبلة يدور معها حيث دارت وهذا في الفريضة، أما النافلة فيجوز أن يصليها قاعدًا مع قدرته على القيام، والأفضل أن يصليها إلى القبلة حيث تيسر ذلك، فإذا شق عليه صلى إلى جهة سيرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على راحلته حيث توجهت به، ويشرع له أن يستقبل القبلة عند الحرام بها، لأنه ورد في حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل القبلة عند إحرامه بالنافلة إذا كان في السفر.[2]

وفي قول الأخر، السفر يبدأ من ساعة خروجه من بلده، من حدود بلده والملاحظة بالنسبة لمن كان له عادة بركوب الطائرة في العصر الحاضر أن الطائرات تتميز بالدقة والهدوء، بحيث أن الراكب لا يشعر أنه يطير بين السماء والأرض، أما الباخرة فقد تضطرب بركابها أكثر من الطائرة ولذلك راكب الطائرة إذا كانت ضخمة فيوجد فيها فراغ يتمكن فيه من الصلاة قياماً وقعوداً وهذا هو الواجب بناء على القاعدة اتقوا الله بما استطعتم ومن الواجب الذي يلاحظه من يريد الصلاة بالطائرة أن يلاحظ أن يبتدئ صلاته إلى القبلة إذا كان متكناً من معرفة سمة وجهة القبلة، ثم لا عليه بعد ذلك أن مالت الطائرة يمبنا أو يسيرًا فهو يستمر في الجهة التي كان يصلي إليها من الطائرة. فالمستطيع حينما يبدأ الصلاة عليه أن يرتقب وقتًا تتجه في الطائرة إلى القبلة فيكبر ويحرم ثم لا يضره بعد ذلك إذا مالت يمينًا أو يسيرًا المهم شيئًان بالنسبة لراكب الطائرة والسفينة والدابة، الشيء الأول هو أنه إذا استطاع أن يصلي من قيام أو قعود فيصلي وإن تمكن من النزول كما إذا كان في السيارة فله أن ينزل ويصلي صلاته المعتادة، الشيء الثاني أن يبدأ الصلاة مستقبلاً القبلة ثم لا يضره إذا سارت السيارة أو الطيارة أو السفينة أو الدابة إلا إذا كان يستطيع النزول عنها وليس للسفر مسافة محدودة بالكيلومترات أو بالمراحل ذلك لأن الله حينما ذكر السفر إما للقصر وإما للإفطار برمضان أطلق السفر ولم يحده بحد فقال مثلا: "وإذا ضربتُم في الأرض فليس عليكم جُناحٌ أن تقصروا من الصلاة إن خِفْتُم أن يفتِنَكُمُ الّذينَ كفروآ"(النساء:101). إذا ضربتم كناية عن السفر فأطلق ذلك، وكذلك قال الله في صيام رمضان: "فَمَن كَانَ مِنكُم مَريضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ"(البقرة:184).

المسافة للصلاة في الطائرة و صفة الصلاة فيها

لا بأس أن يصلي في الطائرة كما يصلي في الباخرة والسفينة لأن الطائرة في الجو على متن الهواء كالباخرة في البحر على متن الماء، وإذا كانت الصلاة التي أدركته في الجو لا يمكن جمعها مع ما بعدها كالعصر والفجر لزمه أن يصليها قصرًا لأنه مسافر فيجوز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، لأن السفر بالطائرة كالسفر في الباخرة والسيارة إذا كانت المسافة طويلة.[3]

وذلك فالصواب من أقوال العلماء في موضوع تحديد مسافة السفر أنه لا تحديد، فكل ما يسمى سفرًا عرفًا وشَرعًا فهو سفر سواء كان طويلا أو قصيرًا ويكون معروفًا عند الناس عرفًا أنه سفر، ومن حيث الشرع أن يكون قَاصدًا السفر لأنه ربما رجل يصور الأمر، كما يقول: الشيخ ابن تيمية رب رجل يخرج من بلده للصيد فلا يجد طلبه من الصيد فيتابع ويمشي ويصل بعيدًا جدًا فإذا هو في نهاية المطاف قد قطع مسافة طويلة، مئات الكيلو مترات. نعتبره غير مسافر مع أن من قصد الخروج لأقل من ذلك فهو مسافر، ولكن هذا الرجل الصائد ما خرج من بلده قاصدًا السفر، كذالك يجب أن يكون السفر سفرًا عرفًا وشَرعًا.[4]

وقت الصلاة في الطائرة

إذا حان الوقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرنها ويحشى فوات وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة ركوعا وسجودا واستقبالا للقبلة كقوله تعالى:

"فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعواوأنفقوا خيرا لأنفسكم" (سورة التغابن, الأية:16)

ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم" (رواه مسلم)

أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها, أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر, وصلاة المغرب مع العشاء, أو علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما, فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أدائها في الطائرة, لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها, وذهب بعض المتأخرين من المالكية إلى عدم صحتها في الطائرة لأن من شرط صحتها أن تكون الصلاة على الأرض, أو على ما هو متصل بها, كراحلة أو السفينة مثلا لقوله صلى الله عليه وسلم:

جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا (رواه البخاري ومسلم)[5]

استقبال القبلة في الصلاة في الطائرة

يجوز للإنسان أن يصلي على متن الطائرة, لعوام أدلة وجوب أداء الصلاة إذا كان حان وقتها ولا فرق بين ذلك من كان في البر والجو والبحر, ويستقبل القبلة ما أمكنه, وإذا حصل انحراف من الطائرة عن القبلة في أثناء الصلاة استمر في صلاته مستقبلا القبلة ما أمكن, ولا خرج في ذلك لعموم أدلة يسر الشريعة, ومنها قوله تعالى:

"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" (سورة البقرة, الأية:286)

أما الصلاة النافلة فله أن يصلى إلى جهة سيرها.[6]

الطهارة للصلاة في الطائرة

إذا حان الوقت الصلاة في الطائرة أو السفينة وجب على من فيها من المسلمين أن يصلى الصلاة الحاصرة على حسب حاله وقدرته, فإن وجد ماء وجب عليه التطهر به, فإن لم يجد ماء ولا ترابا ولا ما يقوم مقام التراب سقط عنه ذلك وصلى على حسب حاله, لقوله تعالى:

"فاتقوا الله ما استطعتم" (سورة التغابن, الأية:16)


ابن باز وابن العثيمين وابن جبرين والفوزان، موسوعة الأحكام الشرعية،المكتبة العصرية،بيروت،2005،ج 1،ص 318.[1]

انظرالحاوي من قتاوى الشيخ الألباني،اعداد أبو يوسف محمد بن ابراهيم،العلمية للنشر والتوزيع،2001،ط 1،ص 226.[2]

انظرالحاوي من قتاوى الشيخ الألباني،اعداد أبو يوسف محمد بن ابراهيم،العلمية للنشر والتوزيع،2001،ط 1،ص 227[3]

ابن باز وابن العثيمين وابن جبرين والفوزان، موسوعة الأحكام الشرعية،المكتبة العصرية،بيروت،2005،ج 1،ص319.[4]

فتاوى علماء الحرمين الشريفتين, إعداد وتصنيف: أيمن صالح سعباح, المكتب الثقافي للنشر والتوزيع, القاهرة, 2004, د ط, ص 551[5]

6 اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, فتاوى, مجمع والترتيب: أحمد بن عبد الرزاق الدويش, ج: 3, ط:4, أولى النهى للإنتاج الإعلامي,

القاهرة, 2003, ص:122-123.

No comments:

Post a Comment